الرئيسية / اعمدة / سناء العاجي تكتب : تحديث الإدارة... متى؟

سناء العاجي تكتب : تحديث الإدارة... متى؟

اعمدة
مـــــريــــة مــــكريـــم 20 يوليو 2013 - 15:10
A+ / A-

منذ بضعة أسابيع، ولإنجاز بعض الإجراءات الإدارية، طلبت مني المؤسسة المعنية مجموعة من الوثائق من بينها “شهادة الإقامة”. ألم يصدر، منذ بضعة سنوات، بلاغ لوزارة الداخلية إبان استصدار البطاقات الوطنية الجديدة للتعريف، بهدف تقديم مزايا وأهمية هذه البطاقة؟ ألا يفترض، حسب نفس البلاغ، أن تعفينا البطاقة الوطنية للتعريف الجديدة من ثلاثة وثائق هي “شهادة الميلاد”، “شهادة الإقامة” و”شهادة الحياة”؟   مبدئيا، نعم، لكن بعض إداراتنا ما تزال مصرة على المطالبة بنفس الوثائق. لا احتجاج ينفع معها… على سبيل المثال، زيارة سريعة لموقع الأنترنيت لـ “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، وسنكتشف أنه في خانة “الاستفادة من التقاعد”، يعرض الموقع لائحة للوثائق المطلوبة ومن بينها: “شهادة الحياة”، و”شهادة الإقامة”. ماذا إذا كان المُطالِب بالتقاعد يتوفر على بطاقة التعريف الوطنية الجديدة؟ وليكن… عليه توفير الوثائق المطلوبة كاملة. هذا طبعا أمرٌ معلنٌ عنه ومثبتٌ على الموقع الرسمي لشركة عمومية يفترض أن تكون أول من يحترم قرارا صدر لوزارة في الحكومة منذ سنوات عديدة. وما خفي كان أعظم…   أي أننا اليوم في بلد يقوم بخطوات رسمية لتصحيح بعض أشكال البيروقراطية والتعقيدات الإدارية، لكن بعض مؤسساته نفسها لا تحترم تلك القرارات. هذا ليس كل شيء، لأنك، كمواطن، حين تطالب بوثيقة “شهادة الإقامة”، يطلب منك موظف المقاطعة أن تبحث عن “المقدّم” ليُوقّع لك الطلب. وفي أغلب الحالات، يكون المقدّم غير موجود في المقاطعة (لأن طبيعة عمله تُحتّم عليه التواجد الميداني أكثر من التواجد في المكتب). هكذا، يكون على المواطن أن يقوم بأكثر من رحلة واحدة إلى المقاطعة التابعِ لها مقر سكناه، لكي يستطيع اللقاء بالمقدّم والحصول على التوقيع السحري الذي يشهد له بأنه يقيم في العنوان المثبت على بطاقته. لا تبحثوا عن مقدار العبث في الجملة السابقة… أولا، لماذا يجب أن يقوم المواطن نفسه بالبحث عن المقدّم لكي يوقع له طلب الحصول على شهادة تثبت أنه يقيم في العنوان المبين على بطاقة تعريفه الوطنية (والتي يفترض أنها تعفيه أساسا من هذا الطلب)؟ لماذا لا يتم توفير مكتب خاص بطلبات شهادات الإقامة، يضع فيه المواطن طلبه، بحيث يتم تجميع مختلف الطلبات وتوقيعها من طرف المقدم في نهاية اليوم مثلا (كما يحدث مع مجمل الوثائق الإدارية الأخرى)؟   طلبت مقابلة القايد وطرحت عليه السؤالين الأخيرين. ولأنه كان في حالة غضب هستيري لا يعلم أسبابها إلا هو، فقد صبّ عليّ جامّ غضبه قائلا: “سيري قولي ليهم يحيّدو المهنة ديال المقدم ويحيّدو القايد حتى هو”. في الواقع، السؤال لم يكن: “آش كيدير هاد المقدم كاع؟”، لأن المقدم في النهاية هو عون سلطة قد نجده مثيله في بلدان كثيرة. لسنا هنا بصدد مناقشة المنصب أو المهمة في حد ذاتها، بل في أسلوب تدبيرها وتدبير علاقتها بالمواطن. لا يمكن أن يتحمل المواطن إكراهات مهام موظف ما، تضطره وظيفته للتواجد كثيرا خارج المكتب. لا يمكن أن نطلب من المواطن أن يبحث بنفسه عن المقدم أو أن ينتظره لساعات طويلة للحصول على وثيقة هي حق من حقوقه. بل الأدهى حين تكون الوثيقة، رسميا، مستغنى عنها؛ لكن إدارة أخرى تطالب بها، فعليا.     مبدئيا، وبغض النظر عن الوثائق الثلاثة التي يفترض أن تلغيها بطاقة التعريف الوطنية الجديدة، لماذا تطالب إدارة مغربية ما، المواطنَ المغربي بإحضار وثيقة تمنحها إدارة أخرى؟ من هنا أساسا يبدأ تحديث الإدارة العمومية. كل الوثائق التي تمنحها إدارة أخرى تابعة لمؤسسات الدولة، يجب أن تتوقف المطالبة بها؛ بحيث تتواصل الإدارات فيها بينها عن طريق النظم المعلوماتية. لا يمكن أن نطلب من المواطن الركض بين مختلف الإدارات لطلب وثائق مكملة لبعضها، والبحث عن موظفين متغيبين أو في مهام خارج مكاتبهم، والبحث عن مكاتب لشراء الطوابع والرسومات وغيرها (هذه الأخيرة أيضا يمكن أن توفرها الإدارة نفسها بنفس المقابل المادي -في إطار تسهيل الإجراءات الإدارية- بدل أن يشتريها المواطن من محلات تجارية خارجية).   تحديث الإدارة لا يتأتى بعدد أجهزة الكمبيوتر التي نضعها في الإدارات، ولا باستصدار قرارات قد تكون جيدة، دون أن يكون لتلك القرارات وقع في الحياة اليومية للمواطن. تحديث الإدارة يبدأ من الرد على السؤال الأساسي التالي: كيف نوفر للمواطن خدمة بمستوى جيد تحترم مواطَنَته؟

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة