الرئيسية / أقلام الحقيقة / عناصر في قراءة خطاب التطرف الديني

عناصر في قراءة خطاب التطرف الديني

عبد المطلب أعميار
أقلام الحقيقة
مـــــريــــة مــــكريـــم 24 ديسمبر 2016 - 22:20
A+ / A-

كيف يشتغل خطاب التطرف الديني؟.وماهي أصوله المرجعية؟. وماهي المقولات التي تؤسس لمشروعه الفكري والسياسي؟.

هذه الأسئلة تدفعنا للتنقيب عن المكونات المرجعية لخطاب التطرف الديني الذي ارتبط تاريخيا بولادة ما يعرف بظاهرة الإسلام السياسي منذ نشأتها في ثلاثينيات القرن الماضي على يد جماعة الإخوان المسلمين بمصر.بوصفها الجماعة الأصل التي نظرت عبر كتابات ومنشورات مؤسسيها لأطروحات الإسلام السياسي.وقد تبلورت أهم مقولاتها في كتابات رشيد رضا،و حسن البنا، والسيد قطب..وآخرين.ويمكن أن نجمل أهم العناصرالمؤسسة لخطاب التطرف الديني في خمس مقولات مركزية، وهي الاستعلاء بالدين، وطاعة الأمير،وتكفير الحاكم، والجاهلية، والحاكمية.

ولعل الوقوف على هذه المقولات قد يمكننا من تحليل خطاب التطرف الديني من داخل بنيته الأصلية، والتي تجعل منه خطابا يعادي العقل، ويفضي إلى التربية على معاداة المجتمع، وتحقير المرأة،وتكفير الفكر، وتجريم الفنون، ونفي التطور والتقدم، واستعداء الحضارة المدنية، والديمقراطية….

ويستوجب الذكر أن التطرف الديني قبل أن يكون أفعالا وسلوكات وقناعات، فهو إيديولوجية صارمة تقوم على صناعة مشروع قيمي واعتقادي يراهن على تجميد العقل ووظائفه في مقابل الشحن الروحي والإيماني القائم على منظومة من المسلمات التي ينبغي توظيفها وزرعها في الفكر للتسليم بصدقيتها، وشرعيتها، وحجيتها.

وفي مقدمة هذه المقولات

♦الاستعلاء بالإيمان

والمقصود بذلك هو تربية العضو على أنه هو الأكثر إيمانا من الناس، وأنه الأقرب إلى الصفاء الروحي والعقائدي.وأن مكانه ” الطبيعي” هو الانتماء إلى الجماعة لأنها وحدها القادرة على منحه حق الانتساب إلى الدين الخالص، من منظورها الأصولي.وبالتالي، يتأسس هذا الركن على ضرورة تجريد العضو من إرادته الحرة، والتأكد من انه يصدق حقيقة بأنه أفضل من كل الناس الخارجين عن الجماعة.وأنه مطالب بنهج مسلكيات خاصة في المأكل، والمشرب،وحتى في التسمية التي لا بد أن تنتسب للسلف للصالح.وليس غريبا أن نجد بعض قادة جماعة الاخوان المسلمين يسمون أنفسهم ب” أبو مصعب”، و” وأبوعبد الله”،و” أبوالغوث”…وتورد بعض الكتابات أن أمير جماعة التكفير والهجرة المسمى أمير أخر الزمان قال بأن ” شرط تمكين المسلمين واستخلافهم، وإقامة دولتهم هوالاستعلاء بالإيمان.”. وقد ميز حسن البنا بين عضويته في الجماعة وبين بقية الناس. وعندما أنشأ أول مدرسة لجماعته قال” لقد أطلقنا عليها اسما إسلاميا هو معهد حراء الإسلامي. واشترطنا للتلاميذ زيا خاصا، هو جلباب ومعطف، وطربوش أبيض، وصندل..(حسن البنا-مذكرات الدعوة والداعية).وقد خاطب حسن البنا أعضاء الجماعة لتمييزهم عن باقي الناس ووصفهم بكونهم ” روح جديد، ونور جديد، وصوت جديد داو”.

وشرط الاستعلاء هذا لا يمكن أن يتحقق إلا بطاعة الأمير.

♦طاعة الأمير

يقوم هذا الركن على ضرورة تحقق البيعة. لأنها تخضع المنتسب إلى الجماعة لثقافة الطاعة والولاء،وتنفيذ الأوامر.وفي هذا الصدد يقول حسن البنا بأن البيعة” تنازل عن الإرادة الذاتية للعضو، يقدمه طائعا مختارا للمرشد..”.وقد كتب أحد المنتسبين للجماعة” من حقك علينا الطاعة.على هذا بايعنا وعاهدنا. ولنا فيك الثقة الكاملة، وعندك الطمأنينة الشاملة..”.

وفي إحدى رسائل حسن البنا ( رسالة المؤتمر الخامس) يقول ” الطاعة هي امتثال للأمر وإنفاذه فورا، في العسر واليسر، والمنشط والمكره…ونظام الدعوة صوفي بحث من الناحية الروحية، وعسكري بحث من الناحية العملية.وشعارنا دائما أمر وطاعة من غير تردد ولا مراجعة، ولا شك ولاحرج..”

وهكذا تصبح طاعة الأمير شرطا من شروط الانتماء للجماعة،وعنصرا حاسما في تنفيذ الأمر ولو كان من طبيعة عسكرية.

ويترتب عن ذلك،تهيئء كل الشروط النفسية والروحية لعدم التشكيك في أوامر الشيخ.ولكي يتسنى ذلك لا بد من تكفير الحاكم.

♦تكفير الحاكم

تأسس هذه الفكرة على ضرورة إقناع عضو الجماعة بأن نظام الحاكم جاهلي. وأنه لا يمثل جوهر الدين الحقيقي، وأنه لا يحكم بما أنزل الله تعالى، وأن كل التابعين لنظامه ليسوا مؤمنين حقيقيين.وكل المؤسسات التي يمثلها لا علاقة لها بتعاليم الدين.وبالتالي، فالدين الحقيقي هو الذي تمثله الجماعة وشيوخها.أما باقي الناس فقد سلموا أنفسهم إلى الطاغوت الحاكم بغير ما أنزل الله.وعليه، فالانتماء للجماعة هو روح الإيمان، أما الانتماء للحاكم فهو كفر.ولكي يتتحقق شرط التسليم بهذا الأمر يقوم تكفير الحاكم بناء على ثنائية أقامها الخطاب المتطرف عند سيد قطب بتمييزه بين مجتمعين اثنين. مجتمع إسلامي من جهة، ومجتمع جاهلي من جهة ثانية.

♦الجاهلية

إن ثنائية المجتمع الجاهلي والمجتمع الإسلامي والتي بلورها سيد قطب في ” معالم في الطريق” تقوم على القول بوجود مجتمعين اثنين لاثالث لهما.فالمجتمع الإسلامي هو المجتمع المتحضر، أما المجتمع الجاهلي(بكل أشكاله) مجتمع متخلف.وعليه، فان كل المجتمعات البشرية هي مجتمعات جاهلية. ولا حوار معها، ولا توافق. لأنه وهذه الجاهلية في ” مفرق الطرق”. حيث يقول” إما اسلام، وإما جاهلية”. ويذهب سيد قطب إلى حدود القول بان حتى المجتمعات الإسلامية هي مجتمعات جاهلية.

وإذا كان كتاب ” معالم في الطريق” بمثابة دستور العمل عند الجماعات الإسلامية، وهو الوثيقة المرجعية الأساس عندها، فقد لعب هذا الكتاب أدوارا كبرى في تأطير وتوجيه الفكر المتطرف من خلال إضفاء صفة التخلف على اكبر الحضارات الإنسانية، ونفي مطلق وصارم لفكرة التقدم والتطور البشري.

ولكي يشرع قطب لهذا المفهوم فمن الطبيعي التقليل من قدرة البشر، وإمكاناتهم، وكفاءاتهم.لأنهم من منظوره” لا يملكون أن يشرعوا لحياة البشر نظاما يتحقق به التناسق المطلق بين حياة الناس وحركة الكون، ولا حتى التناسق بين فطرتهم المضمرة وحياتهم الظاهرة”. ولكي يوظف هذه المقولة اعتمد السيد قطب على مفهوم مواز وهو الحاكمية.

♦الحاكمية.

وتعني الحاكمية أن الله هو مصدر السلطات، لا الشعب، ولا الحزب، ولا أي من البشر”.وإذا كانت الحاكمية للبشر، فان المجتمع جاهلي. وان كانت الحاكمية لله وحده ، فالمجتمع إسلامي. وهذه هي الصورة الوحيدة والمطلقة لتقدم الناس، ولتدشين الحضارة الإنسانية.

وحري بالذكر أن هذا المفهوم لا يعترف بالتشريع البشري، ولا بالحضارة الإنسانية، ولا بالمفاهيم الحديثة والمعاصرة المرتبطة بالدولة، وبالديمقراطية، وبالمؤسسات المدنية. فكل هذه الأمور تدخل في نطاق الحاكمية البشرية، وهي جاهلية وتخلف.ومشروع الحاكمية لا ينبغي أن يقتصر على “الرقعة الاسلامية” بل ينبغي أن يتعداها ” لقيادة البشرية”.

من هنا قد نفهم لماذا يعادي الفكر المتطرف الغرب. باعتباره يمثل ” الحضارة النصرانية الكافرة”، ولماذا يرفض التعليم العصري باعتباره من ” البدع”.

هذه المقولات الخمس والتي تبلورت في كتابات عديدة تشترك في مجملها في كونها حمالة لمشروع سياسي واجتماعي وثقافي تلخصه إحدى الوثائق المنسوبة لأمير إحدى الجماعات. ويقوم هذا المشروع باعتبار العقيدة هي السلف الصالح، والهدف هو إقامة خلافة إسلامية رشيدة، والطريقة هي الجهاد في سبيل الله من خلال جماعة منضبطة تأبى المداهنة والركون، وتستوعب ما سبقها من تجارب (مفهوم التقية).و الزاد فهو زهد للدنيا وإيثار للآخرة.أما العداء فللقوم الظالمين.

♦هذا الموضوع هو في الأصل مداخلتي خلال الندوة التي نظمتها جمعية أرض بسيدي سليمان.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة