الرئيسية / حوارات / أمي عائشة التي تسلقت "عمود المظالم" تحكي كل شيء

أمي عائشة التي تسلقت "عمود المظالم" تحكي كل شيء

أمي عائشة التي تسلقت "عمود المظالم"
حوارات نبض المجتمع
مـــــريــــة مــــكريـــم 27 أبريل 2017 - 12:30
A+ / A-

ولدت أنا وأخي، سندي الوحيد بعد الله في هاته الدنيا، وكنت ولازلت استند عليه، بعد زواجي الذي انتهى بطلاقي دون أن أرزق بأولاد.. » هكذا انخرطت عائشة البوزياني في الحكي الممهور بالنحيب ونحن نطوي دوار اولاد انعيم.

« منذ أن فارق الحياة والدي وأنا أكابد هموم الدنيا، التي وإن بلغت مداها بفراقهما، اعتقدت حينها أن أقصى أحزاني لم تكن لتتخطى فاجعتي على والدي. «

عادت أمي عائشة إلى أسرة شقيقها، تشتغل في المزارع، بعد أن « أسالت أرضنا، القريبة من مدينة كالقنيطرة، لعاب رؤوس أموال تستطيع أن تشتري كل شيء »

« ذنبنا أن أرضنا التي ورثناها عن أجدادنا، تجاور الوادي وتمتد على مساحة خمسة هكتارات، وتجاور ضيعة في ملكية مهاجر بفرنسا، طلب من أخي سنة 2007 أن يشتغل بها كحارس وهذا ما تم، ولكن المهاجر انقطعت أخباره ولم تعد لأخي علاقة سوى بصهر مالك الضيعة. بعدها لم نستشعر الخطر، إلا وأنا أستلم إشعارا ببيع أرضنا. صدمت وتوجهت لكل واحد على دراية بالدوار، لعلي أفهم كيف؟ ولماذا؟ بدون جدوى. لألج بعدها حلقة التقاضي بكل كلفتها وتعقيداتها. إلا أن الأحكام أخدت مجرى التنفيذ، وانتشرت الشائعات في الدوار حولنا وباتت حكاية النصب علينا حديث المجالس، وكلما مررت بجمع تتابعني النظرات وتمتمات الشفاه، وارتفع الضغط علي كإمرأة مستضعفة، إلى أين سأذهب، ولا سقف يأويني أنا وأخي إلا هاته الأرض. حينها غادر النوم جفوني وأصبت بالوساويس وكلما تناهى الى مسامعي صوت محرك سيارة، يتجه نحونا حسبتها لجنة الافراغ بالقوة، كدت أجن بل جننت فعلا، ولازمتني كوابيس تنفيذ الافراغ وإحساس عميق بالضياع مختلط بغبن وحسرة عن ظلم طالني في كياني ووجودي بدون موجب، وانخرطت في موجة بكاء ونحيب لا أنتهي منها سوى بالتوضؤ والصلاة، ورفع أكف الدراعة للخالق لينصفني بعدما عجز القضاء عن انصافي أمام جبروت وذكاء المحتالين ونفوذهم. »

وتضيف أمي عائشة التي التقتها « فبراير.كوم »: » كل تصريحات المسؤولين الشفوية، كانت تؤكد لي أنها مؤمنة حد اليقين بعدالة قضيني وحثمية مظلوميتي. لم أصمت واستمريت في السؤال والمطالبة بحقي.. كنت أحرم نفسي كي أوفر زاد وكلفة التنقل لطرق الأبواب بعدما أغلق باب القضاء في وجهي، وأصابني اليأس والغبن..
طرقت باب ديوان المظالم ومن كثرة ترددي على المكان، وأذكر جيدا أن كاتبة أفهمتني أن ديوان المظلومين لا حول له ولا قوة! طرقت باب السياسيين، من رئيس الحكومة السابق بنكيران الذي حالت الاجراءات الأمنية بيني وبين لقائه مباشرة، بعدما رابطت أمام منزله طيلة يوم كامل، لكنني حرصت على أن أسلم لأحد أعوانه كل الأوراق الثبوتية التي في حوزتي، ومن يومها وأنا أنتظر. حاولت لأسابيع أن ألتقي بوزير العدل حينئذ الرميد، إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل، لأهتدي لمراسلته عن طريق البريد المضمون، ومن يومها وأنا أنتظر. بعدها لم يبقى أمامي سوى وزير التجهيز الرباح، على اعتبار أنه يمثلنا في البرلمان، وبعدما فصلت له كل تفاصيل النصب علينا، طلب منا، أنا وأخي، أن نسعى الى عقد الصلح مع من نصب علينا، لنقف مشدوهي الأفواه أمامه ! بعدها لم يبقى أمامنا سوى ملك البلاد، الذي راسلناه ومنذ ذاك الحين لم نتوصل بجواب. في يوم محاولة انتحاري لم يغمض لي جفن، كنت أقلب الأفكار والسيناريوهات، وبدون سابق إنذار توجهت للرباط في الصباح الباكر. وفي حوالي الساعة الثامنة كنت أشق طريقي نحو القصر الملكي، مسترشدة بسؤال المارة، الى أن وصلت الى هناك حيث صدني شرطي بعبارات صارمة : من أنت؟ وعن ماذا تبحثين؟ هيا ابتعدي من هذا المكان. أجبته: أنا هنا لأبلغ رسالتي للملك.. الظلم يا سيدي، قض مضجعي وشردني وسلبني كل ما أملك. انصرفت نحو سكن الأميرات، فواجهني حارس اقامة الأميرة، لا سلطة لديها على القضاء. هيا انصرفي »

كنت أتجول كالبلهاء في شوارع الرباط وقنينة من البنزين في حقيبتي، الى أن وجدت نفسي وجها لوجه أمام عمود، أثارتني قضبانه الحديدية، فلم أفطن إلا وأنا في الأعلى، وثلة من الناس تصيح لا لا لا….نحن معك!! انخرطت في الحديث وإياهم، وأنا مصرة على الانتحار، لأضع حدا لمعاناتي. نظرت للأسفل لأجد وجوها وأصواتا صادقة في مساعيها وفي كلامها، ولمحت من بين ما لمحت محاميا أقسم لي بأن يساندني، بعدها لم أشعر إلا وأيدي رجال المطافئ الذين لم أبصرهم تمسك بتلابيب جلبابي. «

وتواصل أمي عائشة تصريحاتها لـ »فبراير.كوم »: « اكتشفت بعد استفاقتي من غيبوبتي بالمستشفى، أن مسمارا   اخترق قدمي، زاده جفاف حلقي، من شعوري بالاختناق والألم. اقتادني بعدها رجال الشرطة الى المخفر، ولا أحد منهم كان يبالي بالألم الذي يخترق جسدي وقدمي تنزف، انتابتني حمى شديدة وانخرطت في آلام لا تنتهي، لاستيقظ على كلام القائد وهو يذكرني بأن ما قمت به يعد عملا اجراميا يعاقب عليه القانون »

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة