تظهر هذه الخريطة التوضيحية، التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن الصراع في سوريا تدور راحه بين ثلاث فصائل مقاتلة: قوات نظام بشار الأسد، والمتمردون، المدعومين بأقلية، كردية، والمتمردون مدعومين بالجناح الإسلامي المتطرف) الدولة الإسلامية في العراق والشام،( ، إضافة إلى الطرف الرئيسي في الصراع وهو المعارضة. في هذه الخريطة تظهر هذه المجموعات المتناحرة بألوان مختلفة لسبب بسيط: فباستثناء الأقلية الكردية الذين يتطلعون للحكم الذاتي والاستقلال، فان الفصائل الأخرى المتبقية تكن الكره لبعضها للبعض، ويحدوها الطموح ذاته وهو بسط السيطرة على الأراضي السورية، كما أنها تتقاسم وجهة نظر مختلفة للبلد، وتسيطر كل واحدة منها على مساحة كبيرة من الأراضي السورية. وهذه من بين الأسباب التي تنذر بأن الحرب في سوريا مرشحة للاستمرار مستقبلا. فالمفاوضات بين الحكومة السورية والمتمردين، كانت على وشك أن تعطي ثمارها، لكن دخول جناح “الدولة الإسلامية في العراق والشام” لحلبة الصراع، في العام الماضي، عقد من الأمر. فبديهي أن التوصل للحل في صراع يجمع بين أطراف ثلاثة، اعقد بكثير من الحل بين طرفين اثنين. فاتفاق السلام الذي يحتمل أن يرضي طرفين اثنين من المرجح أن يثير غضب، وحفيظة الطرف الثالث في الصراع، كما أن انتداب ممثل واحد من كل هذه الفصائل التي تقاتل فيما بينها للاعتراف ببعضها البعض، يشكل في حد ذاته، عقبة رئيسية لوضع حد للصراع الدائر في هذا البلد، وبالتالي فان إيجاد أرضية توافقية بين هذه الفصائل المقاتلة يبدو أمرا شاقا وعسيرا في الوقت الراهن. ومن جهة أخرى، تظهر هذه الخريطة وتقسيماتها، كيف أن الصراع في سوريا يستعصي على الحل: فكل مجموعة من هذه المجموعات تتوفر على كل الحظوظ لتحقيق الانتصار العسكري. فلتنتصر المعارضة السورية في هذه الحرب، يتعين عليها على سبيل المثال، أن تلحق هزيمة في آن واحد، بالحكومة السورية، وبـ”الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وهو الأمر الذي لاتستطيع لا المعارضة السورية، ولا الحكومة، ولا “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، القيام به في الوقت الراهن. فالمأزق السوري يكمن في الحالة التالية: فما أن يقترب طرف معين من تحقيق النصر، إلا ويشكل ذلك حافزا للطرفين الآخرين، لبذل المزيد من المجهودات، ولو بشكل مؤقت، لتفادي الهزيمة، مما يخلق نوعا من “توازن الرعب” بين أطراف الصراع. لكن حاليا هناك على الأقل طريقتين لإنهاء حالة الصراع الدائر في سوريا. -فإما أن تجلس جميع الأطراف على طاولة المفاوضات لتحقيق السلام، أو يحاول كل طرف، ببساطة، أن يقهر الطرف الآخر. فالانقسام العميق الحاصل حاليا في سوريا بين هذه الفصائل، يجعل التوصل للحل، وإنهاء حالة الحرب، أمرا بعيد المنال وصعبا للغاية، بل يفتح الباب على مصراعيه أمام الأسوأ مستقبلا. فقبل أن يتخذ الصراع الدائر في سوريا طابعا ثلاثيا، ألقيت في شهر أكتوبر الماضي، نظرة فاحصة حول نظرة العلوم السياسية للحروب الأهلية المعاصرة، فتوصلت إلى أن هذه المراجع، تتنبأ كلها بأن مثل هذه الحروب الأهلية، ستدوم لحوالي عقد من الزمن، وأحيانا لوقت أطول من ذلك. فظهور جبهة أخرى منافسة للدولة الإسلامية في العراق والشام، من بين أكثر المؤشرات إثارة للقلق، والتي تؤكد أن الحرب في سوريا لن تضع أوزارها، ومن المرجح أن تدوم لوقت طويل.
مواضيع ذات صلة
-
25 مارس 2024 - 22:30 فتيحة المودني: رحلة الإنجازات والتميز نحو قيادة مدينة الرباط
-
23 مارس 2024 - 20:00 نظام الإنذار السريع للأغذية يتراجع عن مزاعمه بخصوص الفراولة المغربية
-
22 مارس 2024 - 21:00 “ليفانتي” تغلق مؤقتا ميناء طريفة وتوقف الرحلات البحرية نحو المغرب
-
20 مارس 2024 - 15:30 بسبب قضايا فساد.. الشرطة تداهم مقر الاتحاد الإسباني ومنزل روبياليس
-
16 مارس 2024 - 23:30 مجلس بنك المغرب.. توقعات باستقرار سعر الفائدة الرئيسي
-
15 مارس 2024 - 17:00 أخنوش: انطلاق الدفعة الثانية من الدعم الخاص بإعادة بناء وتأهيل المنازل بالحوز