الرئيسية / نبض المجتمع / البصري: لا فرق بين متهم بسجن انفرادي ومريض بكورونا بالعزل الانفرادي

البصري: لا فرق بين متهم بسجن انفرادي ومريض بكورونا بالعزل الانفرادي

نبض المجتمع
فبراير.كوم 05 أغسطس 2021 - 23:20
A+ / A-

قال كاتب الرأي المعروف بالمغرب، حسن البصري، أن “تعيش تجربة العزل الانفرادي في بيتك أو في غرفة بالمصحة أو في زنزانة أو في ثكنة، لا فرق وإن اختلفت طقوس العزل، ففي جميع الحالات أنت سجين بتهمة ما، تحاصرك الجدران وتتراقص أمام عينيك احتمالات الشفاء والإفراج والمؤبد”.

وأضاف البصري “لا فرق بين متهم يساق إلى سجن انفرادي ومريض بوباء كورونا محكوم بالعزل الانفرادي، ينفض الناس من حول المتهم وهو يساق إلى زنزانته، كما ينفض الناس من حول مريض أدين جسده بتهمة إيواء فيروس فتاك، يبادلونه عبارات الأسى ويرمون في وجهه نظرات الخوف ثم يبتعدون عنه خطوات إلى الوراء قبل أن تبتلعهم الأرض”.

وتابع المتحدث ذاته “قبل أن تلفظك المصحة من بابها الخلفي، تتأمل لائحة الأدوية التي يحتل فيها الزنك صدارة الترتيب مناصفة مع فيتامين سي، في الصيدلية تكتشف أن مرضى كوفيد أمثالي يحملون نفس الوصفة نصطف في تباعد ونحن نحمل وصفاتنا المذيلة بخاتم، كتلاميذ الفصول الابتدائية حين يصطفون في طوابير مكتبة عند بداية كل موسم دراسي”.

وزاد البصري “لا يقتادني سجان صوب غرفة العزل، أدخلها طواعية وأنا تتأبط أكوام الدواء. حولي الغرفة في فوضى منظمة لأول مرة تتعايش الأدوية مع الكتب والمعقمات، حاولت التخلص من الأدوية “الصديقة” التي أصبحت غير مجدية. ما أتفه أن يقول الطبيب ذلك وما أكبر وعيك وهو يدرك أنك فعلا في معركة وأنك أعزل، بالرغم من صرامة التعليمات أضفت إلى العقاقير وصفة كنت قرأتها في كتاب قديم للعلاج بالأعشاب، وهي عبارة عن محلول الزعتر والثوم المغلي الممزوج بالعسل”.

وأردف “لن يقف بجانب سريرك ممرض أو طبيب، أنت معزول في بيتك لأن حالتك “مستقرة” بمنطق طبي، وعليك أن تفرح لأنها لا تتعكر ليس لأنها مستقرة؟. ستحدد ضوابط التواصل مع أفراد أسرتك، ستذكرهم باللاءات الثلاث: “لا سلام لا كلام لا وئام”، وتتفق على طرق الإمدادات الغذائية مع توصية برفع درجة التأهب ونصب إشارات ممنوع الوقوف أمام الغرفة”.

واسترسل البصري “تقف بجانبك مشاعر الذين يحبونك وتحبهم من خلف جدران العزلة، عندما يخاطبونك من وراء الأبواب، يتابعون حالتك ويمدونك بالشجاعة التي تستدعي روح المصارع، سيحمل هاتفك فيض الدعوات والنصائح وستصغي بهدوء لمن عبروا نفق كورونا قبلك، وستؤمن فعلا بأن “المجرب أفضل من الطبيب أحيانا”.

واستطرد “مدني أصدقائي بنصائح تعزز الثقة في النفس، كنت أشبه بمصارع يتلقى تعليمات من مدربه قبل الصعود إلى الحلبة، لخوض مباراة في مصارعة غير حرة مع خصم ليس من وزنك، لا تملك وأنت تواجهه سوى العزيمة ودعوات الناس والأدوية، خصم صيني الجنسية متحور المحيا لا يشق له غبار له سوابق في الفتك والدمار”.

وأشار البصري إلى أنه “لم تعد للأدوية والأعشاب رائحة، فقد تعطل “تطبيق” حاسة الشم، قال لي صديق قضى أياما في ضيافة الوباء، “عليك بتفعيل تطبيق الشم باستنشاق الزعتر والخزامى”، وقال لي مدرب خبر الملاعب: “لا يهم إذا غابت حاسة الشم فالموسم الكروي أشرف على نهايته، ورائحة الفساد تنبعث من الملاعب لا حاجة لك بالأنف إلا لتثبيت النظارة”

وأضاف “في الأيام الأولى من العزل، تحاول أن تقنع نفسك بأن حرقة البلعوم والسعال ليسا من فصيلة الوباء، في كل صباح ترتدي قميصا رياضيا وتخضع الجسد لحركات إحماء، وكأنك تستعد لخوض شوط آخر من النزال، وعلى امتداد ساعات اليوم تعيش تفاصيل حياة عنوانها الحذر والتوجس والقلق، وتتمنى لو أن وصفة الطبيب ضمت سيرة ذاتية لأحد صناع تاريخ هذا الوطن، فخير أنيس في العزل كتاب”.

وأبرز البصري “حين يرخي الليل ستائره تتسلل من نافذة الغرفة “شنيولة” لا تبالي بوجود الوباء، ترتع وتمرح وتختبر قدراتي في الفعل وردة الفعل، تحلق فوق قارورة العسل بزهو، ثم تغادر المكان بعد أن تعلم أن خلف العسل علقم”.

وختم البصري كلامه قائلا “تسللت دعواتكم لحنجرتي لرئتي فتحولت إلى كتائب للمضادات الحيوية واختارت الجبهة الأولى للمعركة ضد الفيروس، دون أن نوقع اتفاقية الدفاع المشترك”.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

حصاد فبراير

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة