بكلمات مؤثرة نعى الناشط المغربي جلال عويطة المحامي الراحل سعيد الذي كان قد توفي في حادثة سير أول أمس، عندما كان في طريقه وأصدقائه في الوقفة الاحتجاجية التي نظموها ضد فرض جواز التلقيح في المحاكم.
وقال جلال في تدوينة له شاركها مع متابعيه عبر صفحته في “فايسبوك” : “في موت سعيد رحمه الله يشهد سبحانه أني أدركت أشياء كثيرة على رأسها أن قيمة الحياة بالجودة والكيف لا بالكَمّ، بالعمق الراسخ لا بالسطح الرقيق، بالأثر الحقيقي لا بالتنظير، بالمخبر لا بالمظهر، بقوة المواقف لا بسطوة الكلمات ..”
وتابع المتحدث ذاته “لذا كان العقلاء يسألون الله أن يهبهم حياة عريضة وإن لم تكن طويلة؛ مليئة بالتجارب الثرية، والخبرات الثمينة، والأعمال العظيمة .. مليئة بمواضع الجمال ومواقف الكمال ..”
وأضاف “غادرنا سعيد وهو في ذروة شبابه، سعيد لم يكن شاباً عاديا، بل كان شابا فُتحت له الدنيا وأقبلت عليه فاختار برّ والدته ورعاية أسرته، فكان والد إخوانه وأخواته بعد فقد والدهم رحمه الله، كرّس وقته لخدمة الناس والوقوف مع المحتاجين والتفريج عن المكروبين، ولصغر سنه كان سبباً في أعمال عظيمة جعلها الله له ذخراً بين يديه، يستمتع وهو يخدم غيره ويُسعد محيطه ..
وزاد قائلا: “سعيد مغربي بمعدن نفيس أصيل، أصيل جداً، ما جرح قلبًا، ما أبكى عينًا، ما ترك ذكرى مؤلمة، نصيبه من الحياة بسمة دائمة وكلمة طيّبة، عبر كنسمة لطيفة ومضى إلى آخرته .. سعيد مربي بزاف، فيه شي خصال عظيمة ديال الناس الكبار التي تكاد تندثر بيننا اليوم، يحضر عند الرَّهَب ويغيب عند الرَّغَب، ثابت عند الفزع جابر عند الأحزان، فاتح نوافذ الحياة وناصر للمظلوم ..”
واختتم جلال عويطة تدوينته قائلا: ”كلُّ ما رأيت منذ وفاته وإلى هذه اللحظة وقد مرت ثلاثة أيام، من ذكر وثناء حسن ودعوات صادقة وأعمال بإسمه، أُدرك يقينا أن الكريم سبحانه قد أكرمه أعظم مما كان يُكرم عباده وهذا ظننا في الكريم تعالى.. موت سعيد رحمه الله قد يختصر لنا الإجابات عن كثير من الأسئلة: لماذا نحن هنا؟ ما السبيل للفوز هنا وهناك؟ كيف أترك الأثر الطيب؟ كيف أسعد هنا وهناك؟ ما الطريق نحو الطمأنينة وراحة البال؟ .. اللهم ارحم سعيدا رحمةً أنت أهلها، اللهم إنه كان يكرم عبادَك، وأنت أكرم منه فأكرمه يا كريم، اللهم اخلف لنا مثل سعيد رجالا يحملون رسالة التامغربيت الحقيقية، يُزاحمون الدخيل بالأصيل ويستحضرون التاريخ في بناء المستقبل ويكونون رحمة على البلاد والعباد.”
فُجِعنا فيك يا سعيد، ودمعت أعيننا وانكسرت قلوبنا سرا وجهرا، لكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون .. الله يصبرنا ويثبتنا حتى نلتقي تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظل الله .. كان حبنا فيه اجتمعنا عليه وافترقنا يوم الخميس عليه.
